القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص كتاب المدخل لدراسة القانون الخاص الاسلامي



ان الشريعة الاسلامية شريعة الاهية تهدف الى تحقيق مصالح الانسان دون تمييز من حيث لونه، او جنسه، او جاهه، او شرفه، فالكل سواسية امام القانون، لا فرق بين الغتي او الفقير، بين الضعيف او القوي، او بين الوجيه و الوضعي، كما تتوخى اسعاد الفرد و الجماعة.


المدخل :

ان الشريعة الاسلامية شريعة الاهية تهدف الى تحقيق مصالح الانسان دون تمييز من حيث لونه، او جنسه، او جاهه، او شرفه، فالكل سواسية امام القانون، لا فرق بين الغتي او الفقير، بين الضعيف او القوي، او بين الوجيه و الوضعي، كما تتوخى اسعاد الفرد و الجماعة.
و في حالة التعارض ترجح المصلحة العامة، على ان لا تقبر المصلحة الخاصة، بل لا بد من تحقيقها من خلال التعويض، كحال مسطرة نزع الملكية.
و الشرعية الاسلامية صالحة لكل زمان و مكان، فهي لا تتغير و لا تتبدل، انما الذي يتغير مع الزمن و هو الفهم، و هي تسعى الى تنظيم سلوك الافراد في المجتمع، و بما ان الاسلام دين و دولة، فكان لابد من الشريعة لتدبير شؤون الانسان في الحياة.
ان المقصود بنظام الحكم في الاسلام هو مجموعة القواعد الاساسية التي تحدد كيفية الحكم و مكانة كل من الهيئة الحاكمة و المحكومة بالنسبة للاخرى، وواجب كل منهما قبل الاخرى، و نظام الحكم في الاسلام يقوم على قاعدتين :

القاعدة الاولى : السيادة للشرع باي ان الحاكم و المحكومين يتعين ان يتقيدوا بمصادر الشريعة الاسلامية.

القاعدة الثانية : السيادة للامة، و بهذه القاعدة يكون هناك ضامن للمؤسسات في الحكم الاسلامي من خلال ولاية المظالم، وولاية القضاء، وولاية الحسبة.

مقدمة :

ان الموضوع الذي نتناوله بالدراسة و التحليل، يتضمن الفاظا و مصطلحات اساسية لابد من بيان مدلولها، فما معنى القانون الوضعي ؟ و ما المراد من التشريع السماوي ؟ و ماذا يقصد من كلمة حق ؟ ز ما هو مفهوم الانسان ؟

اولا : معنى القانون الوضعي

القانون الوضعي هو الذي يضعه البشر وهو " مجموعة من القواعد القانونية المكتوبة و غير المكتوبة التي يخضع لها مجتمع معين في فترة معينة من تاريخه، و هي تتغير من زمان الى زمان، و من مكان الى مكان،فالجماعة هي التي تخلق التشريع الوضعي و تضعه على على الوجه الذي يسد حاجتها، وي نظم حياتها، و قد بدأ يتكون مع نشأة الاسرة والقبيلة، و من هنا ظهر قانون الاسرة، و قانون القبيلة و ضل يتطور حتى ظهرت الدولة  و اصبحت لها في النظام القانوني ثلاث سلط متعارف عليها :
السلطة التشريعية و مهمتها وضع القانون، و السلطة القضائية و مهمتها  تطبيق القانون، و السلطة التنفيذية و مهمتها تنفيذ القانون.

ثانيا : المراد من التشريع السماوي

كما يتضح من هذا العنوان فان مطلح التشريع السماوي يفيد بان المشرع هو الله عز وجل، و ان شريعته بلغت الى الانسان على لسان انبيائه، و تعتبر كاملة لا نقص ولا اعوجاج فيها، شاملة جامعة مانعة فهي جاءت للناس كافة،     وهي تنظم شؤون الحكم و الادارة و الاحوال الشخصية و المعاملات الى غير ذلك، كما تنظم علاقات الدول بعضها ببعض في الحرب و السلم، و هي صالحة لكل عصر و زمان، حتى يرث الله الارض و من عليها.

ثالثا : المقصود من كلمة حق

يعرف الاعلان العالمي الاسلامي لحقوق الانسان الحق بانه " تعبير مضاد او ذو علاقة متبادلة مع تعبير الواجب، أي ان ما يعتبر حقا لشخص لشخص يشكل واجبا على شخص اخر، و يعرفها الفقيه السنهوري، " بان الحق هو تلك المصلحة الي يحميها القانون "، و كمثال على ذلك نجد حقوق الناس عامة واجبا على الحكومة، و حق الدائن واجب على المدين.
و يرى الفقهاء المسلمون ان للحق اركانا اربعة و هي :

أ – محل الحق أي موضوعه و هو الشيء المستحق للشخص

ب- صاحب الحق و هو الشخص المستحق له

ج- المكلف و هو الشخص الذي يتوجب عليه اداء الحق و الواجب

د- الشرعية او سند المحل أي ان موضوع الحق يجب ان يكون مباحا، لان المحرم لا يمكن ان يؤسس حقا، فالحرام لا ينتج الا حراما.

و يذهب الفقهاء ايضا ان الحقوق تقسم الى ثلاث :

- حقوق الله : كالزكاة في الاموال

– الحقوق المشتركة : و هي حقوق مشتركة بين حق الله و حق الانسان، فمثلا فشل الوصي في الوفاء بالتزاماته          و النهوض بمسؤولياته تجاه الطفل الخاضع لوصايته، يعتبر بمثابة اخلال بالحقوق المشتركة

– الحقوق الخاصة : كالمنازل و السيارات و الاملاك الخاصة

وقد اقر الاسلام في الحقوق الضرورية و تشكل الهدف الاول و الاساسي الذي تعمل عليه الشريعة من اجل حمايتها و ضمن هذه الاصول الاساسية :

1- حفظ الدين 2- حفظ النفس 3- حفظ العقل 4- حفظ النسل 5- حفظ المال

رابعا : مفهوم الانسان

ان مفهوم الانسان لغة هو الانس و يعني النسيان، اما اصطلاحا حسب تعريف الدكتور عمر التومي، ان الانسان هو الحيوان المفكر الذي يستطيع ان يميز بين الحلال و الحرام. و يلخص الى تعريف اكثر دقة و تعبيرا و هو ان الانسان حيوان ناطق مفكر.

الفصل الاول : نشأة القانون و التشريع الاسلامي و مصادره و خصائصه


ان التشريع الاسلامي مر بعدة مراحل من حيث النشأة، وله مصادر اصلية و تبعية و خصائص تجعله متميز عن القانون الوضعي.

الفرع الاول : مراحل تطور الشريعة الاسلامية

ان التأريخ لمراحل النشأة و التطور من اختصاص رجال التاريخ، الا ان هذا لا يمنع من الوقوف و باختصار على اهم المراحل التي اثرت على الهياكل القانونية للتشريع الاسلامي، و يمكن ان نعرض لما ذكر في المباحث الاتية.

المبحث الاول : مرحلة النشأة

لقد جاءت الشريعة الاسلامية ووجدت عادات و اعراف لا تتعارض معها فكان من الطبيعي الابقاء عليها، فمثلا بالنسبة لمؤسسة الزواج، فقد كان العرب  يتزوجون عن تراض و امام شهود وبصداق، دون ان ننسى ان بعض القبائل كانت لديها مناكحات مخالفة للنظام العام، فانكرتها الشريعة و من الامثلة : نكاح المبادلة – نكاح المقت – نكاح المتعة.
ان مرحلة النشأة تبدأ من تاريخ نزول الوحي على النبي صلى الله عليه و سلم، و هي التي تتضمن المصدرين الاصليين للشريعة و هما القران و السنة، و الشريعة يمكن تقسيمها الى حقبتين اساسيتين و هما :

الحقبة المكية : و التي وقع التركيز على اصلاح العقيدة من حيث بدأت مع الرسالة و استمرت 12 سنة

الحقبة المدنية : و هي المرحلة التي بدأت من تاريخ الهجرة الى تاريخ وفاة الرسول و دامت اكثر من 9 سنوات،    وتميزت بتنظيم احوال المسلمين في جميع مناحي الحياة، من زواج و طلاق و ارث و حضانة.

المبحث الثاني : مرحلة التأسيس

ان التشريع المكي و المدني في عهد الرسول اعتمد على القران و السنة، و بعد وفاة الرسول تبين ان هناك قضايا تحتاج الى حلول تشريعية، فظهر الاجتهاد الذي يقوم على الرأي، و مع الرأي تختلف وجهات النظر و المفاهيم، و هكذا ظهرت لنا اتجاهات فكرية يمكن تلخيصها في مدرستين هما : مدرسة الحديث بالمدينة و مدرسة الرأي بالكوفة، و اسباب  نشوء المدرستين يمكن تلخيصها فيما يلي :

بالنسبة لمدرسة الحديث بالمدينة :

1- ان شيوخ و اساتذة و فقهاء المدينة كانوا يقللون من الرأي و كارهين له.
2- المدينة هي مهبط الوحي بعد مكة، و من الطبيعي ان تكثر الاحاديث و فتاوي الصحابة، فلا يجد الفقهاء حاجة للرأي.
3- بساطة الحياة الاجتماعية للمدينة، فلم تكون تحتاج الى الرأي امام انعدام المستجدات.
4- وجود الامام سعيد بن المسبب، و يعتبر فقيه الفقهاء و احد الفقهاء السبعة، الذين اخذوا الفقه عن الصحابة.

بالنسبة لمدرسة الرأي بالكوفة :

1- وجود عبدالله بن مسعود  و الذي كان يميل للرأي و لا بخافه، و به تأثر فقهاء الكوفة.
2- قلة السنة و الاثار في الكوفة مقارنة مع المدينة، مما ادى الى الحاجة بالرأي.
3- الحياة في الكوفة كانت معقدة، كيف لا و العراق مهد الحضارات و له اعراف و تقاليد مختلفة باختلاف اجناسه.
4- وجود الشيخ ابراهيم النخعي رئيس مدرسة الكوفة، و هو مشهود له بالبراعة في الفقه و الدقة في الاستنباط.

و لابد ايضا من الاشارة الى ظهور الائمة المجتهدين الكبار، فهذا الامام مالك ابن انس رضي الله عنه، كان يأخذ من الكتاب و السنة  دون ان يتشدد، و كان يأخذ بالقياس و بالاجماع و ياخذ بعمل اهل المدينة في حدود ضيقة.

المبحث الثالث : مرحلة ازدهار الفقه و عوامله

بدأت مرحلة ازدهار الفقه مع نهاية الدولة الاموية، و انتقال السلطة الى الدولة العباسية في اوائل القرن الثاني الهجري،  وهذه الحقبة عرفت ازدهار الفقه الذي برع في تزويد الدولة الاسلامية بالاحكام التي تحتاجها في تنظيم شؤون الرعية، كيف لا و في هذا العصر ظهر فطاحلة العلماء و نوابغ الفقهاء في علم الحديث، حيث دونت السنة تدوينا صحيحا من خلال بيان الصحيح من الضعيف منها، ولاشك ان لهذا الازدهار عوامل يمكن الاشارة اليها بصورة مختصرة فيما يلي :

اولا : نجاح الدولة العباسية في تثبيت قواعدها على اساس الدين

لقد استغل العباسيون نفور المسلمين من سياسة بني امية، فنشروا دعوتهم المتمثلة في ال البيت هم الاعلم بشؤون الدين، و هم الاقدر لتطبيق احكامه، فقربوا اليهم الفقهاء و العلماء، و كرموهم و اعتنوا بهم و بعلمهم، فهذا الخليفة الرشيد في حكمه وضع مؤلف "الخراج" يتعلق بالقانون المالي لصاحبه ابي حنيفة، و الخليفة المأمون فقد كان يعتني بالعلماء و الفقهاء و ينظم لهم مجالس العلم... الى غير ذلك.
ثانيا : ظهور المجتهدين الكبار

مع  الحرية و الاعتناء بالعلماء و الفقهاء ظهر كبار المجتهدين الذين اغنوا الساحة العلمية و الفقهية، و سد حاجة المكلفين من حيث القوانين و التشريعات.

ثالثا : ازدهار الفقه ونموه باتساع البلاد الاسلامية

مع اتساع البلاد الاسلامية من اسبانيا الى الصين، كان لابد من مراعات اختلاف العادات و التقاليد، مادامت لا تتعارض مع النظام العام و الاخلاق الحميدة، و كانت الحاجة لاخذ الفتوى في كل صغيرة و كبيرة، فنما الفقه و ازدهر عن طريق الاجتهاد.

رابعا : حركة التدوين

ان مرحلة الازدهار عرفت تدوين السنة تدوينا صحيحا من حيث التحري و الدقة، ففي عهد ابي بكر رضي الله عنه، كانت السنة تنقل عن طريق المشافهة و الرواية، اما في عهد الفاروق رضي الله عنه، فقد حاول تدوين السنة لكنه عدل عن ذلك، و بالرجوع لعهد العباسيين نجد العديد من الفقهاء الذين دونوا السنة من امثال سفيان الثوري في الكوفة، و الليث بن سعد في مصر، و الامام مالك في المدينة.
و من اشهر مدونات الحديث الكتب الستة و هي :

1- صحيح البخاري 2- صحيح مسلم 3- سنن ابي داود 4- جامع الترميذي 5- سنن النسائي 6- سنن ابن ماجة

المبحث الرابع : مرحلة التقليد و الركود

بعد ان اتسمت المراحل السابقة بالانتعاش الاقتصادي، و الاستقرار السياسي و ما تبع ذلك من تطور كبير للفقه، جاءت مرحلة التقليد و الركود و الجمود،  التي بدأت مع نهاية القرن الرابع الهجري الى سقوط بغداد، و هنا يطرح السؤال عن الاسباب و العوامل التي ادت الى هذا الركود و الجمود ؟

1- ضعف شوكة الدولة العباسية

بعد ضعف الدولة العباسية و تفككها و ضعف السلطان، فكان من الطبيعي ان يفقد العلماء و الفقهاء الاهتمام من لدن الخلفاء، اذ اصبحوا يركزون اهتمامهم على التناحر فيما بينهم، الشيء الذي ادى الى ظهور عدة دويلات، كدولة الامويين بالاندلس، و دولة الفاطميين في شمال افريقيا، كل هذا اثر في المناخ المناسب للفقهاء و العلماء، فلم يعد هناك من يشجعهم و يهتم لامرهم، فتوقفف هممهم و جنحوا الى التقليد، و الوقوف عند مخلفات السلف دون ان يفكروا في الخلف.

2- اعتبار المذاهب الكبرى خاتمة للاجتهاد

لقد رأى الفقهاء المسلمون في هذه المرحلة، ان المذاهب الاسلامية دونت تدوينا سليما و احاطت بالمواضيع احاطة شاملة، فتقاعسوا عن الاجتهاد و الاستنباط و البحث، فظهر اتباع المذاهب و المتعصبون لها.

3- تأثير الجانب النفسي على الاجتهاد

اصبح الفقهاء و العلماء يشعرون القصور و الضعف، رغم كفاءتهم العلمية، و اعقدوا انه ليس في مقدورهم استنباط الاحكام من ينابيعها الاصلية فاكتفوا بالتقيد بمذهب من المذاهب و الغوص في فلكه.

4- اغلاق باب الاجتهاد

لما بدأ الاجتهاد يصدر عمن ليست له الاهلية العلمية، و بدأت الفتاوي الباطلة تظهر دون سند، وقع الافتاء بسد باب الاجتهاد خوفا من المساس بدين الناس، الا ان باب الاجتهاد ما كان ينبغي ان يقفل لان سده يعني ايقاف الحياة، و كان على العلماء مقارعة الجهال بالحجج و البراهين بدل سد باب الاجتهاد.

المبحث الخامس : مرحلة النهضة في العصر الحديث

ان الشريعة الاسلامية شريعة سماوية، مشرعها هو الله سبحانه و تعالى، و لا يمكن لاي قانون وضعي ان يجاريها مهما بلغ من تقدم ورقي، و ما ينقص الامة الاسلامية هو تضافر الجهود من المخلصين من ابناء هذه الامة، من اجل اعادة صياغة التشريع الاسلامي بما يلائم تطور العصر فيما لا يتعارض مع ثوابت الدين، ولن يتأتى ذلك الا بتقنين القانون الاسلامي، تقنينا ينسجم مع القاعدة القانونية من خصائص التعميم و التجريد و السلوك الاجتماعية و الالزامية.

الفرع الثاني : مصادر القانون الاسلامي و خصائصه و معايير التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص.

اذا كان القانون هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلوك الافراد في المجتمع، سواء في الوضعي او السماوي، و اذا كانت خصائص القاعدة القانونية هي كونها اجتماعية و ملزمة و مجردة و قاعدة سلوك، و يقسم القانون الى قواعد مكتوبة و هي التشريع و غير مكتوبة و هي العرف.
ثم ان القانون يقسم بحسب موضوعه الى قواعد موضوعية و قواعد شكلية، فالقواعد الموضوعية هي التي تحدد الحقوق و الوجبات مثل قانون الشغل، واما القواعد الشكلية  فهي التي تبين كيفية الوصول الى الحق عبر الاجراءات المسطرية كقانون المسطرة المدنية.

المبحث الاول : مصادر القانون الاسلامي و خصائصه

ان مصادر القانون الاسلامي منها ما هو اصلي، و منها ما هو تبعي وهذا  ماسنتناوله في مطلبين :

المطلب الاول : المصادر الاصلية للقانون او التشريع الاسلامي

ان المصادر الاصلية للتشريع او القانون الاسلامي تتمثل في الكتاب و السنة، و هما المصدران الرئيسيان، يضاف اليهما ما ارشد اليه الشارع من اجماع و قياس، فنكون امام مصادر اربعة، و على الباحث عن حكم شرعي لمسألة من المسائل ان يبحث بالترتيب، في القران و ان لم يجد فالبسنة  و ان لم يوفق فعليه باجماع العلماء في مسألته، و ان لم ينجح فعليه بالقياس.
و ندرس تباعا هذه المصادر الاصلية في الفقرات الاتية :

الفقرة الاولى : الكتاب
الفقرة الثانية : السنة النبوية
الفقرة الثالثة : الاجماع
الفقرة الرابعة القياس

الفقرة الاولى : الكتاب

الكتاب او القرأن هو كلام الله  الذي نزل على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم، بالفاظه العربية و معانيه الحقة، ليكون دستورا للناس يهتدون بهداه، و هو المدون بين دفتي المصحف، المبدوء بصورة الفاتحة و المختوم بسورة الناس، المنقول الينا بالتواتر، و المحفوظ من اي تغيير او تبديل.
و من خصائص القران ان الفاضه و معانيه من المولى عز وجل، ووصل الينا عن طريق التواتر، و حجيته انه  كتاب معجز لمن حاول ان يأتي بمثله و دليل مقدس محفوظ من التبديل و التغيير و التزوير، و انواع احكام القران هي ثلاثة :
1- احكام اعتقادية و تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في الله و ملائكته و كتبه و رسله
2- احكام خلقية و تتعلق بما يجب ان يتحلى به المكلف من الفضائل و ان يتخلى عن الرذائل
3-احكام عملية، و تتعلق بما صدر عن المكلف من اقوال و افعال و عقود و تصرفات و هذا النوع هو فقه القران، و تنظم الاحكام العملية في القران في نوعين، احكام العبادات و احكام المعاملات.

اما بالنسبة لدلالة ايات القران القطعية و الظنية، فالنصوص التي وردت و نقلت عن الرسول فهي قطعية، اما النصوص من حيث اللالة فهي اما قطعية الدلالة او ظنية الدلالة، فالنص القطعي هو الذي يدل على معنى معين و لا يحتمل التأويل، اما النص الظني الدلالة فهو الذي يدل على معنى و يحتمل التأويل.
الفقرة الثانية : السنة

السنة في اللغة هي الطريقة، اما اصطلاحا فالسنة هي ما صدر عن الرسول من قول و فعل او تقرير.

1- السنة القولية : هي الاحاديث التي قالها الرسول صلى الله عليه و سلم
2- السنة الفعلية : هي افعال رسول الله صلى الله عليه و سلم  
3- السنة التقريرية : هي ان يصدر عن احد الصحابة رضوان الله عليهم فيقره او يسكت عنه رضاء به النبي صلى الله عليه و سلم.
فما هي حجية السنة و ما هي انوعها و ما هو القطعي و الظني من السنة ؟

اولا : حجية السنة

السنة حجة في ثبوت الاحكام الشرعية سواء اكانت احكامها بالحرمة او الكراهية او الاباحة او الندب او الوجوب

ثانيا : انواع السنة

1- السنة المتواترة : هي ما رواها  عن الرسول صلى الله عليه و سلم، جمع يتمنع عادة اة يتواطأ افراده على كذب، لكثرتهم و امانتهم.
2- السنة المشهورة : هي ما رواها عن الرسول صحابي او اثنان او جمع لم يبلغ حد التواتر
3- سنة الاحاد : هي ما رواها عن الرسول احاد لم تبلغ جموع التواتر

ثالثا : القطعي و الظني في السنة

السنة المتواترة و المشهورة قطعية الورود لان سندها قوي، و سنة الاحاد ظنية الورود لان سندها لا يفيد القطع.

الفقرة الثالثة : الاجماع

يعتبر كمصدر من مصادر التشريع و سنعالجه من حيث تعريفه و اركانه و حجيته و انواعه

أولا : تعريف الاجماع لغة، و في اصطلاح الاصوليين

لفظ الاجماع في اللغة معناه العزم، و عند الاصوليين هو اتفاق المجتهدين من امة محمد صلى الله عليه و سلم في عصر من العصور على حكم شرعي بعد وفاة الرسول.

ثانيا : اركان الاجماع

1- اتفاق المجتهدين من العلماء
2- كون المجتهدين مسلمين
3- وقوع الاجماع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم
4- وقوع الاجماع على حكم شرعي كالصحة و الفساد..

ثالثا : حجية الاجماع

ان الاجماع مصدر من مصادر التشريع الاسلامي، و الحجة على ذلك واردة في كتاب الله و سنة رسوله

رابعا : انواع الاجماع

الاجماع نوعان، صريح و سكوتي، اما الصريح فهو اتفاق جميع المجتهدين على حكم واحد قولا و فعلا و كتابة، اما الاجماع السكوتي، فهو ان يبدي بعض المجتهدين رأيه في مسألة من المسائل و يسكت الباقون مدة تعتر كافية للتأمل    و التفكير و التدبر، فاذا مرت المدة دون معارضة اعتبر سكوتهم موافقة ضمنية و هذا ما سمي بالاجماع السكوتي.
الفقرة الرابعة : القياس

القياس مصدر من مصادر التشريع الاسلامي و سنتطرق لتعريفه و حجيته و اركانه.

اولا : تعريف القياس

القياس لغة هو تقدير الشيء بما يماثله، اما في اصطلاح الاصوليين فهو الحاق واقعة لا نص على حكمها بواقعة ورد نص بحكمها، في الحكم الذي ورد به النص.

ثانيا : حجية القياس

ذهب جمهور من علماء المسلمين الى ان القياس حجة شرعية على الاحكام العملية.

ثالثا : اركان القياس

1- المقيس عليه ة هو الاصل
2- المقيس و هو القرع
3- حكم الاصل و هو الحكم الشرعي الذي ورد به النص في الاصل، و يراد ان يكون حكما للفرع.
4- العلة المشتركة بين الحكم الاصلي و الفرعي

المطلب الثاني : المصادر التبعية للتشريع الاسلامي

المصادر التبعية في التشريع الاسلامي هي :

الاستحسان و المصلحة المرسلة – العرف – الاستصحاب و شرع من قبلنا و مذهب  الصحابي و الذرائع.

الفقرة الاولى : الاستحسان

اولا : تعريفه

الاستحسان هو ترك القياس و الاخذ بما هو انفع للناس

ثانيا : انواع الاستحسان

1- الاستحسان بالنص : يقوم على اساس استثناء نصي، كالعدول على نص عام الى حكم خاص
2- الاستحسان بالاجماع : اذا افتى المجتهدون جميعا في نازلة على خلاف الاصل في امثالها
3- الاستحسان بالضرورة و الحاجة : هو ترك العمل بالقياس للضرورة و الحاجة
4- الاستحسان بالقياس الخفي : و ذلك عندما يجتمع في نفس المسألة قياسان احدها جلي
5- الاستحسان بالعرف : و يكون في الحالات التي جرى العرف بها على خلاف القواعد المقررة
6- الاستحسان بالمصلحة : و معناه العدول عن القواعد المقررة رعاية للقواعد المقررة

ثالثا : حجية الاستحسان

يرى المالكية و الحنفية و الحانبلة الاستحسان حجة في استنباط الاحكام الشرعية، الا انه عارض ذلك الشافعية

الفقرة الثانية : المصلحة المرسلة

اولا : تعريفها

المصلحة المرسلة هي المصلحة التي لم يضع الشارع حكما لتحقيقها، و لم يدل دليل شرعي على اعتبارها
ثانيا : حجية المصلحة المرسلة

تأخذ المذاهب الاربعة بالمصلحة المرسلة كمصدر للاحكام الشرعية، و قد عمل بها الصحابة و التابعون، مع اشتراط ان تكون مصلحة حقيقية و ليست وهمية، و ان تكون مصلحة عامة و ليست خاصة، و ان لا تتعارض هذه المصلحة مع حكم ثبت بالنص او بالاجماع.

الفقرة الثالثة : العرف

اولا : تعريفه

العرف هو تواتر الناس على  سلوك معين

ثانيا : اركانه

للعرف ركنان : مادي و معنوي

الركن المادي يتكون من العادة، و من شروط العادة ان تكون قديمة و ثابنة و غير مخالفة للنظام العام و الاخلاق الحميدة، و الركن المعنوي ان يشعر الناس بالزامية هذه العادة و انها اصبحت قاعدة عرفية في حياتهم

ثالثا : انواعه

العرف نوعان : عرف صحيح و عرف فاسد

العرف الصحيح هو ماتعارف الناس عليه، و لا يخالف دليلا شرعيا، ولا يحل حرما، اما العرف الفاسد هو ما تعارف الناس عليه، و لكنه يخالف الشرع او يحرم حلالا او يحل حراما.

رابعا : حجية العرف

العرف الصحيح حجة في ثبوت الحكم الشرعي و على المجتهد ان يحيط به و يأخذه بعين الاعتبار في فتياه، و على القاضي تطبيقه في قضائه.

الفقرة الرابعة : الاستصحاب

اولا : تعريفه

الاستصحاب هو جعل الحكم الذي كان ثابتا في الماضي، باقيا في الحال حتى يقوم دليل على تغييره

ثانيا : حجيته

تأخذ المذاهب الاربعة بالاستصحاب و تتوسع فيه و تأخذ بالقياس مثل الظاهرية و الامامية

ثالثا : اقسام الاستصحاب

ينقسم الاستصحاب الى ثلاثة اقسام :

1- استصحاب الحكم 2- استصحاب الوصف 3- استصحاب البراءة الاصلية






الفقرة الخامسة : شرع من قبلنا

اذا كانت شرائع الامم السابقة قد طالها التحريف و التغيير، فان ماقصه علينا القران الكريم من شرائع هذه الامم نصدق به، الا اذا نسخه الاسلام

الفقرة السادسة : مذهب الصحابي

اولا : تعريفه

الصحابي عند اهل الحديث هو من لقي النبي و لو كان صغيرا، وامن به و مات على الاسلام، اما عند الاصوليين هو من لقي النبي مؤمنا و طالت صحبته له.

ثانيا : حجية قول الصحابي

قسم الاصوليين قول الصحابي الى اربعة اقسام :

1- قول الصحابي الذي يضاف الى زمن النبي مثل قوله كنا نفعل
2- قول الصحابي الذي لامجال للعقل فيه
3- قول الصحابي الذي لا يعرف له مخالف من الصحابة
4- قول الصحابي باجتهاد منه

الفقرة السابعة : الذرائع

تعريف الذريعة مع بعض الامثلة :

الذريعة هي الوسيلة، و عند الاصوليين هي ما يكون طريقا الى الحلال او الحرام، فمثلا الزنا حرام، و النظر في عورة المرأة يفضي الى الزنا فيكون حراما، و صلاة الجمعة فريضة، و الانشغال بالبيع يضيعها، لذلك ترك البيع واجبا.

المطلب الثالث : خصائص القانون او التشريع الاسلامي

هناك خصائص تميز التشريع الاسلامي عن القانون الوضعي، نشير اليها في عجالة.

أولا : من حيث المصدر

تتجلى الاختلافات الاساسية بين التشريع الاسلامي و القانون الوضعي في ان الاول من عند الله، و الثاني من صنع البشر، وعليه تكون الشريعة الاسلامية متميزة و متصفة بصفات لا توجد في القانون البشري، فالاول لا يتغير مهما تغير الزمان و الاوطان، عكس الثاني يتغير بتغير الحاجة الى قاعدة قانونية معينة.

ثانيا : التدرج في التشريع

من خصائص الشريعة الاسلامية انها تراعي استعداد البشرية لتلقيها خصوصا و المجتمع الجاهلي الذي كان يعيش عادات و تقاليد يصعب الاقلاع عنها بين عشية و ضحها، فكان لابد من هذا التدرج في التشريع حتى لا يشعر المكلف بالحرج و القنط كما هو الشأن بالنسبة لتحريم الخمر، بخلاف القانون الوضعي الذي ينزل كالصاعقة دون مراعاة الاستعداد النفسي و المادي للمكلفين به.

ثالثا : العدالة

ان الشريعة الاسلامية تمتاز بالعدالة المطلقة، ففيها تكمن خاصية التعميم و التجريد في اسمى معانيها و اقدس مراميها، في حين ان القوانين الوضعية عدالتها نسبية ترتبط بالاحزاب و بالنتائج الانتخابية التي تخرج لنا المؤسسات التشريعية.

رابعا : عالمية الخطاب و التشريع

ان الشريعة الاسلامية نزلت للعامة لا لاقليم معين دون اخر، ولا لجماعة دون اخرى، فهي مرتبطة بشخصية المكلف اينما حل و ارتحل، في حين نجد القانون الوضعي محدود التطبيق و مقيدا بمبدأ اقليم القوانين الذي يرتبط بسيادة الدولة على ترابها و على ابنائها.

خامسا : الكمال

تمتاز الشريعة الاسلامية على القوانين الوضعية بالكمال اي انه استكملت كل ما تحتاجه الشريعة الكاملة من قواعد        و مبادئ النظريات، و التي تكفل سد حاجيات الافراد و الجماعات في الحاضر القريب و المستقبل البعيد

سادسا : السمو

ان الشريعة الاسلامية تمتاز بالسمو على القوانين الوضعية اي ان مبادئها و قواعدها اسمى من مستوى الجماعة، وفيها ايضا من المبادئ و النظريات ما يحفظ لها هذا السمو و هذا المستوى الرفيع الذي يعلو على مستوى الجماعة مهما كان ارتفاعه.

المبحث الثاني : معايير التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص و القواعد الامرة و القواعد المكملة

القانون العام هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرف فيها بصفتها صاحبة السلطة     و السيادة، و العلاقات القانونية قد تكون بين دولة و دولة اخرى، و في هذه الحالة يسمى القانون العام الخارجي، وهذا النوع لا يشمل الا فرعا واحدا من فروع القانون العام، و هو القانون الدولي العام.
وقد تكون العلاقات القانونية بين الدولة و رعاياها داخل اقليمها، الذي يشمل البر و البحر و الجو، و هذا القانون العام يسمى بالقانون العام الداخلي، و يشتمل على القانون الدستوري و الاداري و الجنائي و المالي.

اما القانون الخاص فهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الافراد، و بين الافراد و الدولة عندما لا تكون طرفا بما لها من سلطة و سيادة، و فروع القانون الخاص هي، القانون المدني و التجاري و البحري و مونة الشغل..

المطلب الاول : معايير التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص

للتفرقة بين القانون العام و القانون الخاص هناك عدة معايير يمكن ذكر اهمها و باختصار فيما يلي :

الفقرة الاولى : معيار المصلحة

معيار المصلحة، حيث ان القانون العام يرمي الى المصلحة العامة، اما القانون الخاص يهدف الى المصلحة الخاصة.

الفقرة الثانية : معيار القواعد القانونية الامرة، و القواعد القانونية المكملة

هناك اتجاه يرى ان قواعد القانون العام قواعد امرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها لانها تتعلق بالنظام العام، اما القانون الخاص فقواعده مكملة و يجوز الاتفاق على مخالفتها، لانها لا تتعلق بالنظام العام. وهذا المعيار لا يصادق الصواب لان قواعد القانون الخاص فيها العديد من القواعد الامرة.

الفقرة الثالثة : معيار الدولة كطرف في العلاقة

هناك من يفرق بين القانون العام و القانون الخاص من حيث وجود الدولة كطرف في العلاقة، فيرى ان قواعد القانون العام تنظم العلاقة التي تكون الدولة احد اطرفها، اما قواعد القانون الخاص فانها تنظم العلاقات التي يكون فيها جميع الاطراف من الاشخاص الطبيعيين.





الفقرة الرابعة : معيار الدولة بما لها من سلطة و سيادة

هذا المعيار هو المعول عليه من طرف غالبية الفقه، لانه يستند الى اسس مقبولة و منطقية، ذلك انه يرى ان الدولة اذا تدخلت في العلاقة القانونية بما لها من سلطة و سيادة نكون امام قانون عام. كمسطرة نزع الملكية مثلا

المطلب الثاني : معايير التفرقة بين القواعد الامرة و القواعد المكملة

ان التمييز بين القواعد القانونية الامرة و القواعد المكملة مسألة في غاية الاهمية تحتاج الى معايير تجعل الباحث الباحث يقف على حقيقة ارادة المشرع من القاعدة القانونية هل هي امرة ام مكملة ؟
و للتمييز بينهما استقر رأي الفقهاء على وجود معيارين للتمييز بينهما احدهما لفظي و الاخر معنوي يتعلق بالنظام العام و الاخلاق الحميدة.

الفقرة الاولى : المعيار اللفظي

يمكن معرفة القاعدة القانونية ما اذا كانت امرة، ام مكملة، من خلال الالفاظ التي استعملها المشرع في صياغة هذه القاعدة، فقد تأتي النصوص في صيغة الاوامر او النواهي، ففي هذه الحالات نكون امام قاعدة امرة، اما اذا ورد في النص ما يبيح و يجيز للافراد الاتفاق على مخالفة القاعدة القانونية نكون امام قاعدة مكملة .

الفقرة الثانية : معيار النظام العام و حسن الاداب او المعيار المعنوي

هنا استقر القضاء و الفقه على ان حل اخر يتمثل في اللجوء الى المعيار المعنوي اي البحث فيما اذا كانت القاعدة القانونية تتعلق بالنظام العام و حسن الاداب، كنا امام قاعدة امرة، اما اذ لم يكن الامر كذلك كنا امام قاعدة مكملة.

الفرع الثاني : الضمانات المؤسساتية لحماية حقوق الانسان


يقصد بالضمانات المؤسساتية لحماية حقوق الانسان، تلك الاجهزة التي تتكلف باعطاء المشورة و النصح عن طريق الشورى بواسطة اهل الحل و العقد، و التي تتولى مهمة الفصل بين الخصومات لحماية الحقوق المعتدى عليها، عن طريق القضاء، و مهمة وقف تعسفات رجال السلطة، و هي تتكلف بها ولاية المظالم، ثم هناك اخيرا ولاية الحسبة التي تدخل ضمن اختصاصاتها كل الامور التي تدخل في باب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.
ومن هنا يكون علينا ان نتناول في هذا الفرع اربعة مباحث :

المبحث الاول : مجلس الشورى
المبحث الثاني : ولاية المظالم
المبحث الثالث : ولاية القضاء
المبحث الرابع : ولاية الحسبة


المبحث الاول : مجلس الشورى

المطلب الاول : سند الشورى و بعض تطبيقاتها

اولا : ان الشورى او المشورة كوسيلة، او كأداة للتشريع او للفصل في امر يهم المواطنين او تسيير دولاب الدولة كانت معروفة لدى العرب قبل البعثة المحمدية، و كتب التاريخ تثبت لنا امورا كثيرة تم فصلها عن طريق التشاور، و منذ بزوغ فجر الاسلام كانت الشورى من المبادئ الرئيسية التي ركز عليها واقرها في مجال التشريع، او ادارة الحكم، و لاهمية الشورى في الاسلام وضعها القران بين فريضتي الصلاة و الزكاة و الانفاق، و الرسول صلى الله عليه و سلم كان يستشير اصحابه في كل صغيرة و كبيرة، في مجالسه معهم و غزواته، و بعد وفاة النبي كان اول امتحان يواجه الخليفة ابو بكر هو قرار اعلان الحرب على المرتدين، فلم يتخذ هذا القرار الا بعد مناقشات ساخنة و محادثات حامية، و في عهد عمر اتسعت دائرة الشورى، و من اهم تجليات الشورى في الدولة الاسلامية الجديدة تمخضت امور مهمة تتمثل في :

1- تشريع نظام الضمان الاجتماعي  
2- تعيين بعض الولاة و المسؤولين
3- وضع التقويم الهجري
4- تأسيس نظام العسس

المطلب الثاني : اهل الحل و العقد ( ممثلو المجتمع الاسلامي )

للامة ان توكل عنها ما تشاء في التعبير عن رأيها في الحكم و التشريع، و اعمال المعاونين و الولاة، ومناقشة الخليفة في اعماله،  فكيف ينتخب مجلس الشورى و ما هي شروط اختيار اهل الحل و العقد، و ما هي مدة عضويتهم و عددهم، وماهي صلاحيات مجلس الشورى و مزايا الشورى.

اولا : انتخاب اعضاء مجلس الشورى و شروط اختيار اهل الحل و العقد

ينتخب اعضاء مجلس الشورى انتخابا، ولا يمكن ولا يصح تعيينهم و ذلك للاسباب الاتية :

1- انهم وكلاء في التعبيير عن رأي الناس، لذلك يختارون من طرفهم
2- عملية الانتخاب عملية حضارية من شأنها ان تفرز الاصلح من افراد الامة

أما عن شروط اهل الحل و العقد فانها تتمثل فيما يلي :

أ- العدالة الجامعة لشروطها
ب- توافر العلم
ج- توافر الرأي و الحكمة




ثانيا : مدة عضوية اهل الحل و العقد و عددهم و صلاحية مجلس الشورى و مزايا الشورى

اما عن مدة عضوية اهل الحل و العقد، فانها تكون محددة طالما ان قاعدة اختيارهم مؤسسة على استحقاقات انتخابية، أما عن عدد اعضاء الحل و العقد، فانه استنادا للباحثين الاسلاميين كان مجلس شورى النبي يضم سبعين شخصا، اما عن صلاحيات مجلس الشورى فهي :

1- اعطاء الرأي و اقتراح التشريع الانسب و الامثل للامة، و ذلك استنادا الى المصادر الاصلية للتشريع الاسلامي
2- مراقبة اعمال الوزراء و كبار الموظفين عن طريق المساءلة و المجادلة

اما عن بعض مزايا الشورى فانها تتمثل فيما يلي :

أ- الشورى اسلوب حضاري لخدمة كرامة الانسان و حماية حقوقه و التنصيص على واجباته
ب- عن طريق الشورى يستطيع الحاكم الوصول الى الرأي الصائب

المبحث الثاني : ولاية المظالم

من الضمانات الاساسية لحماية حقوق الانسان في الاسلام ولاية المظالم و هي شبيهة بنظام القضاء الاداري، و المحاكم الادارية في العصر الراهن، الا ان الاختلاف بين هذا النظام و ذاك يتمثل في نقطتين اساسيتين :

أولا : اختصاصات ولاية المظالم اوسع من اختصاصات المحاكم الادارية لانها تختص بالقضاء و تنفيذ الاحكام
ثانيا : ان ولاية المظالم تختص تلقائيا بالنظر في قسم من المظالم دونما حاجة الى تلقي المظلمة من صاحب المصلحة،   و من شروط الناظر فيها، ان يكون جليل القدر نافذ الامر عظيم الهيبة ظاهر العفة قليل الطمع كثير الورع.

المطلب الاول : تشكيلة مجلس ناظر المظالم

جرت العادة ان يخصص يوم معلوم للبت في مظالم المتظلمين من بطش الطغاة، في مجلس يتكون من خمسة اصناف يحتاج اليهم الناظر فيما يعرض عليه من قضايا :

- الحماة و الاعوان، لجلب القوي، وتقويم الجريء
- القضاة و الحكام لاستعلام ما يثبت عندهم من حقوق
- الفقهاء ليرجع اليهم فيما اشكل و يسألهم عما اشتبه
- الشهود ليشهدهم على ما اوجبهم من حق

و يتضح من خلال هذه التشكيلة، انها نموذجية، تتضمن الفقهاء، و القضاة، و الكتاب، و الشهود، ورجال القوة، لكبح جماح القوي و تقويم الجريء.

المطلب الثاني : اختصاصات ناظر المظالم
1- النظر في تعدي الولاة على الرعية
2- جور العمال فيما يجتنبونه من الاموال
3- كتاب الدواوين لانهم امناء المسلمين على بيوت الاموال
4- تظلم المسترزقة من نقص ارزاقهم، او تأخرها عنهم

المبحث الثالث : ولاية القضاء

لكي يعيش الانسان في اطار من الحقوق تتمثل في حقه في الحياة و الشرف و التملك و حرية الفكر، و لكي لا يقع الاعتداء على هذه الحقوق لابد من ضمانات تشريعية و مؤسساتية، و في هذا المطلب سنتناول ولاية القضاء كمؤسسة اساسية لحماية حقوق الانسان.

- المطلب الاول : تعريف القضاء لغة و اصطلاحا – المطلب الثاني : اهلية القاضي للفصل بين الناس                          – المطلب الثالث : ضمانات المتقاضي امام القضاء
المطلب الاول : تعريف القضاء لغة و اصطلاحا

تعني كلمة القضاء لغة الانقطاع، و جاءت هذه الكلمة بمعنى مات ز انقطع، اما اصطلاحا فقد نقل عن ابن خلدون انه قال بخصوص القضاء "  القضاء منصب الفصل بين الناس في الخصومات حسنا للنداعي وقطعا للنزاع "

المطلب الثاني : اهلية القاضي للفصل بين الناس

ان مهمة الفصل بين الناس مسؤولية جسيمة، لانها تتحكم في الرقاب و الاعراض و الاموال، فعلى من يتحملها ان يستحضر دائما انه سيحاسب امام الله ان خيرا فخيرا، وان شرا فشرا، و عليه ان يحكم ضميره فيما يرضي الله و رسوله، و عليه ان لا يأبه للضغوط، وان لا يحابي صاحب جاه و لا شرف الى غير ذلك، و من اهم شروط الاهلية سبع شرائط :

1- الذكورية 2- البلوغ 3- العقل 4- الحرية 5- الاسلام 6- العدالة 7- السلامة في السمع و البصر و العلم

فيما الذكورية فيها خلاف بين جموع العلماء، و قد ولى عمر ابن الخطاب الشفاء قاضية في السوق

المطلب الثالث : ضمانات المتقاضي امام القضاء

لا يمكن باي حال من الاحوال الحديث عن العدل و الانصاف، عن انتشار الحق و الامن و السلم و الرخاء، الا اذا كان القضاء بخير، ولن يتأتى ذلك الا اذا كانت للمتقاضي ضمانات اما القاضي تجعله يتمتع بمحاكمة عادلة، و في ضل التشريع الاسلامي فان المتقاضي يتمتع بضمانات لم تصل اليها ارقى القوانين الوضعية و الانظمة القضائية، و من رسالة الفاروق عمر رضي الله عنه للقاضي ابي موسى الاشعري يمكن استخلاص الضمانات الاساسية للمتقاضي و هي :

1- المساواة بين الخصوم
2- اعتماد قاعدة البينة على المدعي و اليمين على من انكر
3- حق الدفاع
4- قاعدة الرجوع الى الحق فضيلة
5- الشريعة الاسلامية تخاطب الوجدان احقاقا للحق
6- القاضي لا يحكم و هو غضبان
7- اعتماد شهادة الشهود في مجال الدعاوي ( بشرط ان تتوافر فيهم الصفات الدينية و الاخلاقية ).
8-  الاصل في الانسان البراءة الى ان يثبت العكس
9- مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية و العقوبة الجنائية ( لا يجوز تطبيق القوانين الجنائية بمفعول رجعي )

المبحث الرابع : ولاية الحسبة

من الضمانات الاساسية لحماية حقوق الانسان في الاسلام، نظام الحسبة الذي يقوم على قاعدة " الامر بالمعروف        و النهي عن المنكر "، و بالتالي فهو يعمد الى حفظ النظام الاجتماعي و الديني، و حفظ حقوق الافراد و الجماعات وصيانة الاحكام الدينية من التغيير و التبديل و الاهمال، و لمعالجة موضوع الحسبة سنتطرق لتعريفه و الفرق بين المحتسب و المتطوع، و شروط المحتسب و اعماله و الفرق بين الحسبة و بين القضاء و المظالم.

المطلب الاول : تعريف الحسبة

الحسبة وظيفة دينية و دنيوية يقصد منها الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، و يعرفها ابن تيميه، بانها امر بالمعروف و نهي عن المنكر، مما ليس من اختصاص الولاة و القضاء و الديوان و نحوهم. و يتمثل عمل المحتسب في تفقد مصالح الناس و حقوقهم، و ارشاد و توجيه التجار في الاسواق و ارباب الحرف و تفقد المكاييل و الموازين.

المطلب الثاني : الفرق بين المحتسب و المتطوع

يشير الماوردي في مؤلفه ان افرق بين المحتسب و المتطوع يتمثل في تسعة اوجه :

1- ان فرضه متعين على المحتسب بحكم الولاية، وفرضه على غيره داخل في فروض الكفاية
2- ان قيام المحتسب به من حقوق تصرفه الذي لا يجوز ان يتشاغل عنه، وقيام المتطوع به من نوافل عمله الذي يجوز ان يتشاغل عنه بغيره.
3- المحتسب منصوب للاستعداء اليه فيما يحب انكاره، و ليس المتطوع منصوبا للاستعداء
4- على المحتسب اجابة من استعداه، وليس على المتطوع اجابته
5- على المحتسب ان يبحث عن المنكرات الظاهرة، ليصل الى انكارها، وليس على المتطوع البحث و الفحص
6- على المحتسب ان يعين اعوان له لانه عمل و له منصوب، وليس على المتطوع تعيين اعوان
7- على المحتسب ان يعزر في المنكرات الظاهرة و لا يصل للحدود، و ليس على المتطوع التعزير على منكر
8- للمحتسب ان يرتزق على حسبته من بيت المال، و لا يجوز لمتطوع ان يرتزق على انكار منكر
9- للمحتسب ان يجتهد في رأيه فيما تعلق بالعرف دون الشرع، وهذا ليس للمتطوع.

المطلب الثالث : شروط المحتسب

لينجح المحتسب في مهامه يجب ان يكون فقيها عارفا باحكام الشرع، ليعرف ما يأمر به و ينهى عنه، و ان يعمل بما يعلم، وان لا يكون قوله مخالفا لفعله، و ان يكون حسن النية، و ان يبتغي من وراء عمله مرضاة وجه الله، و ان يواظب على الفرائض، و ان يتمتع بالخصال الحميدة، و يتصف صفة العدل و الرأي و الصرامة و الخشونة في الدين، و ان يكون عالما بالمنكرات.

المطلب الرابع : اعمال المحتسب و اختصاصته و العقوبات التي يفرضها عند المخالفة

وظيفة المحتسب تتضمن اختصاصات واسعة تهم مناحي  عديدة من حياة الانسان و على سبيل المثال :

1- مراقبة الاداب العامة و الاخلاق الحميدة
2- مراقبة المباني و الطرقات
3-مراقبة العبادات
4- مراقبة التجار و ارباب الحرف
5- مراقبة الاسعار و الموازين و المكاييل

المطلب الخامس : الفرق بين الحسبة و بين القضاء و المظالم


ان الحسبة واسطة بين احكام القضاء و احكام المظالم، فالمحتسب عمله يتعلق النهي عن المنكرات و القضاة عملهم موضوع للمناصفة بين الخصوم، اما نا بين الحسبة و المظالم فبينهما فرق مختلف، فالمظالم نختص بما عجز عنه القضاة، و الحسبة موضوع لما رفه عنه القضاة، و هنا يتبين لنا جليا، الفرق بين الحسبة و بين القضاء و المظالم.






هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع